الدكتورة تقى الرزوق استاذة علم النفس ومناهج البحث
البوابة الاخباري
هناك عوامل عديدة قد تدفع الأشخاص إلى عدم الزواج، ومن بين هذه العوامل العاطفية والرغبة في التحكم. يمكن وصف التحكم كقدرة الفرد على إدارة والسيطرة وممارسة القوة والتأثير والتقييد والقمع والكبح، وقد يكون لهذا التحكم أثر كبير في رغبة الأفراد العزاب في عدم الارتباط بشريك حياة. يمكن أن يظهر هذا السلوك بطرق مختلفة، بدءًا من عدم الالتزام بعلاقة طويلة الأمد مع أي شخص، حتى عدم الزواج أبدًا.
تعود جذور التحكم إلى تجربة الأشخاص مع والديهم الذين قد يكونون مسيطرين أو طاغيين. فقد يكون لوجود والدين يتبعان نهجًا “و تأثيرًا كبيرًا، حيث يمكن أن تكون الوالدة متطفلة أو مستبدة أو متحكمة بالتفاصيل، وقد ينتقل هذا النمط إلى الأبناء. وقد يلعب وجود والدين غير كفؤين دورًا أيضًا في تشكيل هذا السلوك، ويؤدي الى الفوضى وعدم التحكم بالتوتر والضغط. والوالدين الذين يعانون من سلوكيات إدمانية وغالبًا ما يكونون غير متحكمين وقد ينقلون الفوضى والقلق إلى أبنائهم.
قد يكون التحكم أيضًا سببًا في عدم الزواج بسبب تجارب سلبية خارج الأسرة. كتجارب الطلاق والانفصال في علاقة فاشلة مما يؤدي الى عدم الاقتراب مرة أخرى من أي شخص لكي لا يصبح ضحية ضعف مرة أخرى.
على الرغم من أن بعض الأشخاص العزاب قد يشتركون في عوامل نفسية، إلا أن هذا ليس صحيحًا في جميع الحالات. فبعضهم يعيشون حياة طبيعية وسعيدة ويمتلكون أصدقاء وعائلة ولا يعانون من الوحدة المستمرة، ولا يوجد سبب للاعتقاد بوجود أمراض نفسية في حالتهم. يرغب الجميع في التحكم في حياتهم قدر الإمكان، ولكن يحدث أن يكون بعض الأشخاص أكثر استعدادًا للسعي وراء التحكم من غيرهم. وغالبًا ما يشعر الأشخاص العزاب بالحرية، حيث لا يوجد أحد يقول لهم ما يجب فعله (باستثناء رؤسائهم في العمل)، ونادرًا ما يشعرون بالاحتجاز. يمكنهم شراء ما يرغبون في أي وقت وممارسة هواياتهم عندما يشاءون، ويميلون إلى الترفيه مع أشخاص آخرين يشاركونهم نفس النمط الحياة (عزاب أو أفراد غير متزوجين) والذين يستمتعون بالحياة معًا.
بعض الأشخاص العزاب يشعرون بالوحدة في بعض الأحيان، ولكن لا يشعرون بما يكفي لدفعهم للمخاطرة والارتباط بالزواج. إذا كان لديهم الموارد الكافية، فإن معظم الأشخاص العزاب يشعرون بالرضا نسبيًا في حياتهم. في الواقع، يلجأ الكثيرون منهم إلى طلب المساعدة للتعامل مع الضغوط التي يواجهونها من قبل والديهم أو أفراد العائلة الذين يصرون على أن الزواج هو النمط الحياتي الصحيح. هذا لا يعني أنهم غير راضين عن اختيارهم بأن يكونوا عزابًا، ولكنهم يسعون للتواصل وفهم والتعامل مع تلك التوقعات الاجتماعية. يجد العديد من الأشخاص المتزوجين أنهم لا يستطيعون أن يعبروا عن نفس الشعور، حيث يشعرون بضغوط وتحديات أخرى في حياتهم الزوجية.